المرأة المصرية.. بطولات خالدة عبر التاريخ .

كتب/شحاته زكريا

منذ فجر التاريخ والمرأة المصرية تشارك في صناعة المجد لا تقف على الهامش، ولا تكتفي بدور المتفرج بل تخوض غمار المعارك جنبا إلى جنب مع الرجل ، وتقف على خط النار دفاعا عن الوطن ، وتشارك في بناء الحضارة بلا تردد أو تراجع. هذه الحقيقة التي قد تغيب عن البعض ليست مجرد رواية تاريخية بل واقع موثق في سجلات الأمم ، يشهد عليه الماضي والحاضر ويؤكد أن المرأة المصرية لم تكن يوما إلا قوة فاعلة لا يُستهان بها.
عندما نتحدث عن دور المرأة في التاريخ المصري.فإننا لا نبالغ إن قلنا إنها كانت سابقة لعصرها. فمنذ عهد الفراعنة جلست على العرش ملكات مثل حتشبسوت وكليوباترا، لم يكن دورهن شكليا أو رمزيا ، بل حكمن البلاد بقبضة من حديد وأثبتن أن القيادة لا تعرف التمييز بين رجل وامرأة. لم يكن ذلك من قبيل المصادفة أو الاستثناء بل كان تعبيرًا عن ثقافة مصرية قديمة احترمت عقل المرأة وكفاءتها وجعلتها شريكًا أساسيًا في الحكم والقرار.
مرّت العصور وتوالت التحديات لكن المرأة المصرية لم تغب عن المشهد. خلال الاحتلالات المتعاقبة كانت دومًا في قلب المقاومة تمد الثوار بالسلاح والزاد وتقاتل إن لزم الأمر. لم يكن ذلك مجرد قصص تُحكى، بل حقائق سُطّرت بالدم، كما حدث في مقاومة الحملة الفرنسية حين وقفت نساء قرى مثل تتا وغمرين في وجه المحتل ، يقاتلن بسلاحهن البسيط دفاعًا عن أرضهن حتى اضطر قادة الجيش الفرنسي للاعتراف ببسالتهن في تقاريرهم العسكرية.
وفي العصر الحديث كانت المرأة المصرية وقود الثورات، تخرج في الصفوف الأولى تهتف تقود ، وتواجه القمع بشجاعة يحسدها عليها الكثيرون. لم تكتفِ بالمشاركة السياسية بل اقتحمت مجالات كانت حكرا على الرجال، فصارت وزيرة وقاضية وعالمة وأثبتت جدارتها في كل الميادين. لم تنتظر اعترافًا أو منحة بل فرضت وجودها بحضورها القوي وإصرارها الذي لا يعرف المستحيل.
الاحتفاء بالمرأة المصرية ليس مجرد مناسبة سنوية تُذكر فيها بعض الإنجازات ، بل هو اعتراف متأخر بحقوقها المستحقة. إنها ليست نصف المجتمع فحسب بل قلبه النابض ، وركيزته الأساسية. وإذا كان الخامس من أغسطس قد شهد بطولات النساء في مقاومة الحملة الفرنسية فلماذا لا يكون هذا اليوم رمزا لبطولات المرأة المصرية عبر التاريخ؟
إننا لا نحتاج إلى مناسبة لنذكر تضحيات المرأة المصرية، فهي حاضرة في كل بيت ، وماثلة في كل موقف. هي الأم التي تصنع الأجيال، والمعلمة التي تنير العقول، والطبيبة التي تخفف الآلام، والمهندسة التي تشيّد المستقبل، والمناضلة التي لا تكلّ ولا تملّ من الدفاع عن حقوقها وحقوق مجتمعها. لا تحتاج إلى تكريم رمزي ، بل إلى اعتراف حقيقي بدورها ، وإلى ضمانات تترجم هذا الدور إلى واقع ملموس.
- ربما يكون الحديث عن المرأة في سياق تاريخي مهمًا لكنه لا يغني عن الاعتراف بحقيقة أكبر: المرأة المصرية لم تكن يومًا تابعًا أو رقمًا هامشيًا، بل كانت وستظل صانعة التاريخ، تمامًا كما كانت في الماضي، وكما ستكون في المستقبل