ترامب.. صفقة في هيئة رئيس

كتب /شحاته زكريا
قد لا يحتاج دونالد ترامب إلى مقعد في الصف الأول من مدارس السياسة الكلاسيكية لأنه ببساطة لم يعترف يوما بقواعدها. الرجل جاء من عالم مختلف حيث لا شيء يُحسم بالحوار ولا يُوزن بالمنطق ، بل بالمكسب والخسارة ، بالعرض والطلب ، بالتحالفات كما تُبرم عقود المقاولات. نحن أمام حالة فريدة لم تسعَ يومًا إلى التماهي مع تقاليد البيت الأبيض ، بل سعت لإعادة صياغة البيت ذاته ، على طريقة «مقاول عقارات» يعرف كيف يستثمر حتى في أكثر اللحظات اشتعالا.
ترامب لا يُجيد التفاوض السياسي بالمعنى المتعارف عليه، بل يُتقن الصفقة السياسية وهو فارق دقيق لكنه جوهري. في الأزمة الأوكرانية مثلا ، لم يكن تركيزه على وقف الحرب أو بناء سلام دائم بل على المعادن النادرة التي تملكها أوكرانيا وكيف يمكن أن تتحول هذه الأزمة إلى فرصة استثمارية. وكأنّ الحرب ليست أكثر من قطعة أرض يتفاوض عليها وسط الحطام.
وفي فلسطين لم ير في مأساة غزة سوى فرصة تحويل الشاطئ المحاصر إلى وجهة استثمار سياحي ، ضمن رؤيته الأوسع لمشروع السلام الاقتصادي وكأن الأرض ليست وطنا لشعب ينزف بل مجرد موقع يصلح لفندق خمس نجوم. إنها عقلية لا تعرف قيمة الأرض ، بل تقيّمها بالدولار.
سياسة ترامب الخارجية ليست انحرافا طارئا.بل تعبير دقيق عن «مدرسة جديدة» تُمزج فيها السياسة بالبزنس وتُدار فيها الملفات الدولية كما تُدار شركات التطوير العقاري. لا حديث عن القانون الدولي ولا احترام لقرارات الأمم المتحدة بل مزادات مفتوحة على كل شيء: الغاز، النفط، الموانئ، وحتى الولاءات.
وفي كل خطوة يتجلى المنطق ذاته: ما الذي يمكن أن تربحه أمريكا؟ وليس: ما الذي يمكن أن يُحقّق الاستقرار العالمي؟ هذا التحول، الذي لم يعد خفيًا على أحد جعل من واشنطن مركزا للصفقات أكثر من كونها عاصمة للسياسة. وصارت لغة المساومات تطغى على لغة القيم والمبادئ حتى بات كثيرون في العالم يعيدون حساباتهم جيدا قبل توقيع أي اتفاق مع الولايات المتحدة.
الأخطر من كل ذلك أن ترامب لا يُخفي هذه التوجهات بل يتفاخر بها. يروّج لنفسه كمنقذ للاقتصاد الأمريكي وكأنه جاء من أجل الأرباح لا المبادئ ويتعامل مع الدول كما يتعامل المقاول مع مشتري شقة: عقد واضح أموال محددة لا ضمانات طويلة ولا عواطف مشتركة.
وفي ضوء هذا المشهد فإن زيارة ترامب المرتقبة للمنطقة تثير الكثير من التساؤلات: ما الذي يريده تحديدا؟ وما الثمن الذي سيتعين على العرب دفعه؟ إذ لم يعد سرا أن أجندته دائمًا مزدوجة: ظاهرها سياسي، وباطنها مالي.
العالم من حولنا يتغير وأمريكا نفسها لم تعد تبيع «قيمًا ديمقراطية» بل تعرض خدمات بمقابل. والصفقة دائمًا مشروطة: من يدفع أكثر ، يحصد أكثر. أما نحن فعلينا أن نتحلى بكامل الحذر لأن الخطأ في التعامل مع رئيس من هذا النوع لا يُكلف فقط موقفا دبلوماسيا ، بل قد يُكلف مستقبل أمة.
أحسنت مقال رائع جدا
وهذا التحول الخطير تحدث عنه الرئيس السيسى فى بداية توليه الرئاسه حيث قال أبو بلاش خلص ..
إذا على الموطن الذى يريد خدمة ما عليه أن يدفع ثمنها سواء كانت عقارية أو تعليمية اوصحية فالدول لا تنظر للمواطن على أنه بيدفع ضرائب وله حق الخدمات المتميزة لا فالضرائب لاتستطيع تحصيل ما تصبوا إليه الدوله من تطوير وتحديث للعديد من الهيئات لراحة المواطن فتلجا لجيب المواطن وعليه أن يدفع الثمن.
كذلك امريكا والجميل فى البلطجى ترامب أنه بيتحدث بصراحة مطلقة وبيقول فى العلن علينا تحصيل أموال من دول الخليج لكونها فى حمايتنا وإذا لم يدفعوا مانريد فلا بقاء لهؤلاء الملوك والأمراء ..منتهى قلة الأدب والبلطجة..
حتى وصل به الحال فيقول ولنا حصة من أموال الحج هههههههههههه
ماذا العبث لكننا ضعفنا وجبنا عن نصرة دول كالعراق واليمن وتركناهم أما جيوش امريكا وبريطانيا وإسرائيل بل منا من ساعد معهم وفتح مطاراته لتضرب العراق وتضرب اليمن وكانت النتيجه انهيار العالم العربي والزعامة العربية .
فتحول المشهد بعد عقود من مشهد سياسى إلى مشهد اقتصادى بل بلطجه اقتصادية امام اعين العالم جميعا دون أن يحركوا ساكنا .
فأصبحت كل دولة تلعب بمفردها
وتعزف بمفردها وكل منهم يغنى على ليلاه .
هكذا استاذ شحاته لم يعد مواثيق دولية ولامعاهدات ولااتفاقيات كمرجع وسند ولكن البقاء للأقوى فقط .