الهوية الفلسطينية.. بين الجذور والتحديات المعاصرة

الهوية الفلسطينية ليست مجرد موروث ثقافي أو تاريخي بل هي نبض مستمر ينبع من الأرض والذاكرة ويحمل في طياته قصة شعب صمد في وجه الاحتلال والتشريد والشتات. ولكن مع الأجيال الجديدة التي نشأت تحت وطأة الاحتلال وتحت ظل واقع متغير يتسم بالعنف والتحديات السياسية والاجتماعية، هل بقيت هذه الهوية كما هي؟ وهل تغير الوعي الوطني مع تغير الزمان والمكان؟
الفلسطيني اليوم يعيش تجربة مزدوجة بين الماضي الذي يمثل الجذور والتاريخ المشترك ، وبين حاضر معقد يشهد تقنيات حديثة وتواصل عالمي وتحديات جديدة في الهوية والانتماء. هذه الأجيال الجديدة التي ولدت في الشتات أو في ظل الحصار في غزة أو تحت الاحتلال المباشر في الضفة الغربية تجد نفسها أمام سؤال وجودي: كيف تُعرف وتُعرف العالم بنفسها، وسط محاولات متكررة لطمس القضية أو تهميشها؟
واقع الحال يشير إلى أن الهوية الفلسطينية اليوم لم تضعف لكنها تطورت. فهي لم تعد مجرد هوية مرتبطة بالمكان فقط بل صارت امتدادا لوعي سياسي واجتماعي متجدد. الشباب الفلسطيني بات أكثر وعيا بأهمية حقوقه وبضرورة الانفتاح على العالم مع الحفاظ على هويته وموروثه. التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي لعبت دورا محوريا في بناء جسور تواصل بين الفلسطينيين داخل فلسطين وخارجها مما أعطى نكهة جديدة للانتماء ، وأكثر فاعلية في نقل الرواية الفلسطينية إلى العالم.
لكن التحدي الأكبر يكمن في مواجهة محاولات الاحتلال لتفكيك هذه الهوية عبر فرض واقع جديد على الأرض ، من استيطان وهدم، وتهجير، وحصار، ومحاولات لتقسيم الشعب الفلسطيني. وهذا يجعل من الهوية الفلسطينية مهمة مستمرة، تتطلب ثباتا وصمودا وتحديثا في أدوات التعبير عنها.
الوعي الوطني الفلسطيني اليوم إذا ليس فقط ذاكرة حية للماضي ، بل مشروع مقاوم مستقبلي، يختصر بين التمسك بالحقوق والثوابت ، وبين التكيف مع أدوات العصر الحديث في النضال. لذلك الحفاظ على الهوية الفلسطينية وتطويرها هو خط الدفاع الأول عن القضية ، وهو ما يجعل من كل فلسطيني مهما كانت ظروفه جسرا بين الماضي والمستقبل وحارسا لكرامة وطن ما زال يُكتب.