مقالات وآراء

وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل: تهدئة مؤقتة أم إعادة ترتيب أوراق؟

بقلم: هاله المغاور ڤيينا

في خطوة وصفت بالمفاجئة رغم تصاعد وتيرة التوتر في الأسابيع الأخيرة، أعلنت مصادر دبلوماسية وإعلامية عن اتفاق مبدئي بين إيران وإسرائيل لوقف إطلاق النار. هذا الاتفاق، الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية وعربية، يحمل في طياته الكثير من الرسائل السياسية والعسكرية التي تستحق الوقوف عندها.
منذ بداية يونيو، شهدت المنطقة أخطر مواجهة مباشرة بين طهران وتل أبيب، تمثلت في تبادل الضربات الصاروخية، وتهديدات بضرب المنشآت الحساسة، وتصعيد غير مسبوق في الخطاب العسكري من كلا الطرفين. وتخوفت عدة أطراف دولية من انزلاق الصراع إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط، لا سيما في ظل تصاعد التوتر في غزة، ولبنان، وسوريا.
المعلومات تشير إلى أن وقف إطلاق النار تم بوساطة من عدة أطراف، أبرزها:
• الولايات المتحدة: باعتبارها حليفًا استراتيجيًا لإسرائيل، وضغطها على الطرفين لتفادي الحرب.
• بعض الدول الخليجية: التي تخشى تداعيات الحرب على أمنها واستقرارها الاقتصادي.
• قنوات اتصال سرية: يُعتقد أنها لعبت دورًا كبيرًا في ترتيب الصيغة التوافقية للتهدئة، بعيدًا عن الإعلام.
ورغم عدم صدور بيان رسمي واضح من كلا الطرفين، فإن الاتفاق يبدو تكتيكيًا أكثر منه استراتيجيًا.
ماذا يعني هذا الاتفاق؟
1. تجنّب الحرب الشاملة: يدرك الطرفان أن فاتورة الحرب ستكون باهظة.
2. إيران تبحث عن تنفّس اقتصادي: العقوبات، والمشاكل الداخلية، والانكماش الاقتصادي دفعت طهران إلى تهدئة تكتيكية.
3. إسرائيل تركز على أولويات أخرى: كالوضع في الجنوب مع غزة، وشمالًا مع حزب الله، بالإضافة إلى الاستقرار الداخلي.
هذا الاتفاق لا يعني أن الطرفين تراجعا عن خلافاتهما الأساسية. بل على العكس، فإنه يأتي في وقت حققت فيه كل جهة ما تعتبره “ردعًا متبادلًا”:
• إيران أظهرت أنها قادرة على تهديد المصالح الإسرائيلية عن بُعد.
• إسرائيل أثبتت قدرتها على الوصول لأهداف دقيقة داخل إيران.
لكن هذا التوازن هش، ومؤقت بطبيعته، ويُبقي المنطقة على فوهة بركان.
رغم التهدئة الحالية، فإن عدة سيناريوهات مطروحة:
• تصعيد مجدد في حال فشل المفاوضات السياسية.
• ضربات محدودة بالوكالة عبر ميليشيات موالية لإيران في سوريا ولبنان.
• استثمار إسرائيل في الضغط الدولي لتقويض المشروع النووي الإيراني.
إن وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل هو استراحة محارب، وليس سلامًا حقيقيًا. الصراع بين الطرفين أعمق من مواجهة عسكرية عابرة، ويتطلب حلولًا سياسية وأمنية شاملة، وإلا فإن شبح التصعيد سيبقى حاضرًا في أي لحظة.
في النهاية، تبقى المنطقة رهينة لمعادلة معقّدة من الردع والردع المضاد، ويبدو أن الجميع قد اختار – مؤقتًا – تأجيل الانفجار لا منعه تمامًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى