رواية «هجرة مرفوضة» لسعاد بطي توثق النكبة من قلب امرأة فلسطينية

رواية «هجرة مرفوضة» لسعاد بطي توثق النكبة من قلب امرأة فلسطينية
في روايتها الجديدة “هجرة مرفوضة”، تقدّم الكاتبة المغربية سعاد بطي عملا أدبيا يزاوج بين التوثيق الإنساني والخيال الفني، مستلهمة من قصة حقيقية لامرأة فلسطينية تُدعى فيفي، وُلدت في يافا عام 1934، قبل أن تُلقي بها نكبة عام 1948 في دروب الشتات، متنقلة بين الإسكندرية وبيروت وكندا.
الرواية تحاكي مأساة المنفى الفلسطيني من خلال سيرة امرأة قاومت الفقد والضياع بالعزف والموسيقى، رافضة أن تتحوّل الهجرة إلى قدر محتوم، “هجرة مرفوضة” ليست مجرد حكاية تهجير، بل هي مرآة لتجربة نسائية فلسطينية نادرة، تعيد بناء الهوية من خلال الفن، والحنين، والذاكرة.
درست فيفي الموسيقى في المعهد العالي للموسيقى بالقاهرة، وتحولت لاحقًا إلى عازفة بيانو شهيرة، وفي رحلتها، تنسج علاقات إنسانية مؤثرة، أبرزها صداقتها العميقة مع مغنية الأوبرا “شاكي”، وعلاقتها الروحية مع العازف الكفيف “نيكولا”، هذه الروابط تُضفي على الرواية بعدا وجدانيًدا غنيا، وتحولها إلى تجربة فنية حية وسط عواصف التهجير والتشظي.
سعاد بطي، التي تحمل خلفية أكاديمية في إدارة الأعمال وتنظيم المؤسسات، إلى جانب تكوينها الموسيقي في العزف على آلة الناي الغربي، توظّف مهاراتها التحليلية وحسّها الفني لصياغة عمل سردي متماسك يرفض التعامل مع النكبة كحقيقة صامتة، بل يستنطق وجوهها الإنسانية المختلفة، وتُعزز الكاتبة هذا المسار من خلال عضويتها في مجلس أمناء مؤسسة سيدة الأرض الفلسطينية، مما يعكس التزامها الفكري والوجداني بالقضية الفلسطينية.
تخالف الرواية النهج السياسي التقليدي في تناول المنفى الفلسطيني، وتؤكد على أن الفن يمكن أن يكون حافظة للهوية، وأن الوطن لا يموت حين يُعاش في الوجدان، وتختتم الرواية بمشهد مؤثر يجمع بين فيفي ونيكولا بعد خمسين عاما في كندا، في لحظة تتوج انتصار الإنسان على الجرح الجماعي، وتمنح اللجوء معنى يتجاوز المأساة.
“هجرة مرفوضة” هي أكثر من رواية، إنها بيان إنساني رقيق وعميق، يدعو إلى التمسك بالذاكرة، ورفض الاغتراب، والإيمان بأن الفن قد يكون الشكل الأسمى لمقاومة النسيان.