
الزمن القادم.. بين الوهم والحقيقة

بقلم/شحاته زكريا
اعتاد البشر عبر التاريخ أن يحنّوا إلى الماضي ويرونه زمنا مثاليا مليئا بالقيم والهدوء والازدهار. وعلى الجانب الآخر يخشى كثيرون المستقبل ويصورونه كوحش غامض مليء بالتحديات والمخاطر. لكن هل حقا الماضي كان رائعا كما نعتقد؟ وهل المستقبل يستحق كل هذا القلق؟
إذا نظرنا بتمعّن إلى الأزمنة الماضية سنجد أنها لم تكن مثالية كما تبدو في ذاكرتنا الجمعية. كان الماضي حافلا بالصراعات، والأوبئة، والتمييز، وسوء الفهم، ونقص الفرص. وربما ما يجعلنا نراه جميلا اليوم هو ببساطة أن معاناته لم تعد تمسّنا مباشرة.
أما المستقبل فهو ليس مجرد مجهول مرعب، بل هو نتاج قرارات الحاضر. كل اختراع جديد وكل فكرة خلاقة، وكل تجربة ناجحة ترسم ملامح الغد. فالتقدم العلمي الذي نشهده اليوم من الذكاء الاصطناعي إلى التطورات الطبية والهندسية، يجعل المستقبل أكثر إشراقا مما يظن البعض.
التحدي الحقيقي ليس في “الخوف” من المستقبل أو “التمسك” بالماضي بل في القدرة على استيعاب التغيير. الحضارات التي تقدّمت لم تكن تلك التي استغرقت في nostalgia الماضي بل التي تعاملت مع المتغيرات بذكاء ومرونة.
قد يكون العالم الذي نعرفه اليوم مختلفا جذريا خلال سنوات قليلة ، وهذا ليس بالضرورة أمرا سيئا. ربما يكون مستقبلنا أكثر عدلا، وأكثر تطورا، وأكثر قدرة على منح الفرص للجميع. لكن لتحقيق ذلك.علينا أن نتخلى عن فكرة أن الماضي كان الجنة الضائعة، وأن المستقبل هو الجحيم القادم.
الزمن لا يعود إلى الوراء لكنه دائما يمنحنا الفرصة لنصنع الغد بأيدينا. فالسؤال الأهم ليس: “كيف كان الماضي؟” أو “كيف سيكون المستقبل؟” بل: “ماذا نفعل اليوم؟”