مقالات وآراء

السودان.. بين الفيدرالية وشبح التقسيم

بقلم/شحاته زكريا

Oplus_131072

بينما تشتعل المنطقة بصراعات ممتدة من غزة إلى سوريا يواجه السودان أزمة تهدد كيانه ذاته. الحرب المستمرة منذ عامين لم تعد مجرد مواجهة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ، بل تحولت إلى صراع أعمق يعيد تشكيل الدولة السودانية، وسط تدخلات إقليمية ودولية تدفع نحو سيناريوهات غير مسبوقة.

إعلان قوات الدعم السريع عن دستور انتقالي وإنشاء حكومة موازية، إلى جانب الحديث عن تقسيم السودان إلى أقاليم ذات حكم مستقل ، يعكس تحولا خطيرا في مسار الأزمة. ما يبدو للبعض مجرد محاولة لتنظيم الوضع الداخلي قد يكون، في الحقيقة خطوة نحو تفتيت البلاد بشكل دائم. فالتجربة السودانية ليست بعيدة عن سيناريوهات سابقة شهدها هذا البلد كما حدث مع جنوب السودان عام 2011 حين بدأ الحديث عن الفيدرالية كحل سياسي وانتهى بانفصال دام غير ملامح المنطقة إلى الأبد.

اليوم المخاوف تتجدد من أن تتحول السودان إلى مجموعة من الدويلات المتناحرة ، كل منها خاضعة لنفوذ إقليمي أو دولي في ظل صراع محموم على الثروات الهائلة التي يمتلكها هذا البلد من الذهب إلى الموارد الزراعية والمياه. التدخلات الخارجية باتت أكثر وضوحا ، حيث تسعى قوى كبرى إلى استغلال الفوضى لتحقيق مكاسب استراتيجية، فيما تلعب دول الجوار أدوارا متباينة بين من يحاول التهدئة ومن يؤجج النزاع لتحقيق مصالحه الخاصة.

في ظل هذا المشهد لا يمكن لمصر أن تظل بعيدة عن المعادلة فالسودان ليس مجرد جار بل هو امتداد استراتيجي وأمني للقاهرة. أي تفكك جديد في السودان سيؤثر بشكل مباشر على الأمن المائي المصري ، إلى جانب تداعياته على الحدود والاستقرار الإقليمي. لذلك فإن الدور المصري يجب أن يكون أكثر فاعلية في دعم وحدة السودان والعمل على مواجهة أي محاولات لإعادة رسم خريطته السياسية تحت أي مسمى.

المستقبل السوداني اليوم معلق على قدرة القوى الوطنية على تجاوز خلافاتها وإيجاد حل سياسي حقيقي ينهي الحرب ويحافظ على وحدة البلاد. الخيارات محدودة فإما أن ينجح السودانيون في صياغة تسوية تحافظ على كيانهم، أو أن يغرق السودان أكثر في دوامة الفوضى والتقسيم، ليصبح مجرد نموذج آخر للدول الفاشلة في المنطقة.

السودان يقف عند مفترق طرق حاسم والتاريخ لا يرحم من يتجاهل دروسه. فهل يدرك السودانيون خطورة الموقف قبل فوات الأوان؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى