مقالات وآراء

الامتداد والاشعاع الديني للمملكة المغربية

الامتداد والاشعاع الديني للمملكة المغربية
لم يكن المغرب بعيدا عن الأمور الدينية والحضارة الإسلامية وامتدادها بل كان فاعلا رئيسيا في ذلك سواء في أوروبا خلال حكم الاندلس وانتداب العلماء لتعليم المسلمين الجدد أصول دينهم أو داخل افريقيا الامتداد الجغرافي للمغرب ومحيطه الإقليمي إذ كان للمغرب الفضل في نشر المذهب المالكي الذي يعتمده المغرب كمنهج ديني بل تجاوز الأمر ذلك في تكوين أئمة وعلماء أفارقة داخل المملكة وإرسال بعثات دينية لإرساء قواعد المذهب المالكي إذ لا تعتبر المالكية منهجا فقهيا فقط بل هي كذلك منهج سلوكي اخلاقي إذ عرفت علاقة الطلبة بالامام مالك علاقة مودة ورحمة واهتمام بالغ خصوصا القادمين له من المغرب إذ لا تنقطع الصلة حتى بعد تتلمذهم على منهج مالك ورجوعهم إلى المغرب .
يتسم المذهب المالكي بالوسطية والاعتدال وهو ما يماثل ويطابق طبيعة أهل المغرب مستمدين ذلك من الآية وكذلك جعلناكم أمة وسطا صدق الله العظيم.علاقة الامام مالك بالمغرب كانت وطيدة من خلال علاقته بشيخه محمد الكامل جد الأسرة العلوية وبما أن منطقة اغمات كانت آنذاك ذات اشعاع فكري وتجاري وإصلاحي فإن رسالة المرابطين إنطلقت منها في إتجاه تغور إفريقيا فقد كانت أغمات مركز تصوف ومقرا لاهل العلم وخصوصا الفاريين من قرطبة،كانت ملتقى القوافل التجارية نحو بلاد السودان وغرب إفريقيا عبـر الصحراء لذلك امتد الإشعاع الديني للمملكة بانتشار النفوذ المغربي في بقاع عدة وخصوصا إبان حكم يوسف بن تاشفين للاندلس وكذلك إبان الدولة المرينية زمن حكم السلطان أبو الحسن إذ كانت تجمعه علاقات جيدة مع ملك مالي مع تبادل الهدايا والاحترام إذ بعث سلطان مالي مبعوثين لابي الحسن فعادوا إليه مكرمين منعمين
فأحسن مبـرتهم وأعظم موصلهم وأكرم وفادتهم ومنقلبهم، وعادوا إلى مرسلهم في وفد من كبار مالي يعظمون السلطان أبا الحسن ويوجبون حقه ويؤدون طاعته ويذكرون من خضوع مرسلهم وقيامه بحق السلطان أبي الحسن واعتماله في مرضاته ما استوصاهم به
ولابن بطوطة عن مديـنة مالي وسلطانها وعلمائها وعادات أهلها، أحاديث طويلة الذيل، متنوعة الأخبار، طريفة التعاليق والانطباعات نقتبس منها قوله: «وسلطان مالي هو السلطان منسي سليمان، ومنسى معناه: السلطان وسليمان: اسمه و هو ملك بخيل…صنع طعاما بـرسم عزاء مولانا أبي الحسن رضي الله عنه، واستدعى الأمراء والفقهاء والقاضي والخطيب حضرت معهم فأتوا بالربعات وخُتِم القرآن ودعوا لمولانا أبي الحسن رحمه الله ودعوا لمنسى سليمان»[59] الإشعاع الديني للمملكة لم يتوقف على نقط محدودة بل تمثل في المساجد المبنية في ربوع افريقيا هدية من المغرب لمسلمي افريقيا على الطراز المغربي في شكل المئذنة والمنبر وكذلك الزي التقليدي المرتبط ذهنيا بمظاهر التدين والعبادة لانه الأقرب إلى الوقار والسترة وهناك طوائف عدة من المريدين والمتصوفين يزورون المغرب سنويا لحضور حلقات الذكر والعلم وخصوصا في جامعة القرويين التي كانت أول اشعاع علمي وديني وفكري في العالم كأول جامعة فعلية ومستمرة للأن.

بقلم نادية الطبطبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى